سورة غافر - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يلقي الروح من أمره} قال: الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال: يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض، والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يوم التلاق، ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمة الله، وحذره عباده.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال: واليوم لا يخفى على الله منهم شيء، ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر.
وأخرج عبد بن حميد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات، وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينادي مناد بين الصيحة: يا أيها الناس أتتكم الساعة- ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات- وينزل الله إلى السماء الدنيا، ثم ينادي مناد: لمن الملك اليوم لله...؟ الواحد القهار».


{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)}
أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر رضي الله عنه قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القصاص، فأتيت بعيراً فشددت عليه رحلي، ثم سرت إليه شهراً حتى قدمت مصر فأتيت عبدالله بن أنيس فقلت له حديث بلغني عنك في القصاص فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يحشر الله العباد حفاة عراة غرلاً. قلنا ما هما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب. أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة. قلنا كيف وان نأتي الله غرلاً بهما؟ قال: بالحسنات والسيئآت، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم}».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذنوب ثلاثة: فذنب يغفر، وذنب لا يغفر، وذنب لا يترك منه شيء. فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له، وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك، وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه. ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها. فأول ما يتكلم أن ينادي مناد: لمن الملك اليوم... ! لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدأون به من الخصومات (الدماء) فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول: سل عبدك هذا فيم قتلتني؟ فيقول: نعم. فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له، وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له، ويبوء بإثمه فيقتله. ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا.
وأخرج الخطيب في تاريخه بسندٍ واهٍ عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم حفاة عراة غرلا. فقالت عائشة رضي الله عنها: واسوأتاه...؟! ينظر بعضنا إلى بعض، فضرب على منكبها وقال: يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر، وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة. لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتكلمون، سامين أبصارهم إلى السماء. يلجمهم العرق، فمنهم من بلغ العرق قدميه، ومنهم من بلغ ساقيه، ومنهم من بلغ فخذيه. وبطنه، ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين، فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يعمل فيها خطيئة، وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى. ثم تقوم الملائكة {حافين من حول العرش} [ الزمر: 75] ثم ينادي منادٍ فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإِنس يستمع الناس لذلك الصوت، ثم يخرج الرجل من الموقف، فيعرق الناس كلهم، ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه، فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة، ويعرف الناس تلك الحسنات، فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال: أين أصحاب المظالم؟ فيقول له الرحمن تعالى: أظلمت فلان ابن فلان في كذا وكذا... فيقول: نعم يا رب وذلك {يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [ النور: 24] فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه. وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت، فإذا لم يبق حسنة قال: من بقي يا ربنا، ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا؟ قيل: لا تعجلوا، فيؤخذ من سيئآتهم عليه، فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صديق، ولا شهيد، إلا ظن أنه لم ينج لما رأى من شدة الحساب».


{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: وقعت في حناجرهم من المخافة، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم، فلا تخرج فيموتون، ولا ترجع إلى أماكنها من أجوافهم. وفي قوله: {كاظمين} قال: باكين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8